Facebook
Instagram
Twitter
Home > Ar-Uncategorized > كلمة فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان في منتدى الاقتصاد والتعاون العربي مع دول آسيا الوسطى وجمهورية آذربيجان

كلمة فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان في منتدى الاقتصاد والتعاون العربي مع دول آسيا الوسطى وجمهورية آذربيجان

معالي السيد/ أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية

الحضور الكرتم،

بداية أرحب بكم على أرض الطاجيك العريقة متمنيا التوفيق لمشاركي المنتدى اليوم.

قبل ثلاث سنوات انعقدت في الرياض الدورة الأولى لمنتدى الاقتصاد والتعاون العربي مع دول آسيا الوسطى وآذربيجان والتي تمخضت عن إعلان الرياض.

وبالتزامن مع ذلك، كان قد تم التوقيع على مذكرة التفاهم للتعاون بين جامعة الدول العربية ودول آسيا الوسطى ووثيقة منفصلة للتعاون بين جمهورية طاجيكستان وجامعة الدول العربية.

وإن هاتين الوثيقتين تعززان قاعدة تعاوننا وتحددان آفاق تطوير العلاقات والأهداف واتجاهات شراكتنا.

ونحن نعتبر إيجاد المنتدى وسيلةً هامة للتعاون ومبادرة لها أهمية خاصة.

وإن الدورة التالية للمنتدى الحديث التأسيس تنعقد اليوم لأول مرة في آسيا الوسطى التي اشتهرت في الماضي باسم ماوراء النهر.

وفي هذه البقعة العريقة وقعت أحداث تاريخية مهمة ساعدت فيما بعد على تقدم الحضارة الإسلامية وتطور العلاقات العلمية والثقافية والتجارية بين مختلف المناطق.

واليوم لا يمكن تصور الحضارة الإسلامية دون ذكر أسماء أبو علي بن سينا وأبو نصر الفارابي وأبوريحان البيروني ومحمد الخوارزمي وعشرات الأشخاص الآخرين.

وإن هؤلاء الأبناء الأجلاء لموراء النهر قدموا إسهامات مشهودة في إثراء الحضارة البشرية وتطور العلم في العالم.

فمن هذا المنطلق نتطلع إلى أن منتدانا سيمهد الطريق لإحياء تلك الأواصر وتطوير علاقات التعاون على مختلف الأصعدة وسيهيء أرضية ملائمة لتقدم منطقتنا وبلادنا.

الضيوف الكرام!

إننا نعتبر الدول العربية من شركائنا المهمين على الساحة الدولية ونولي العناية المتواصلة بتعزيز وتنمية العلاقات المتميزة معها.

ولا يخفى أن تفعيل أي نوع من المبادرة البناءة لا يتسنى إلا في ظروف الاستقرار والأمن الراسخ.

ففي هذا السياق نحن نعتقد أن الأمن والاستقرار الكامل في الدول العربية يمثل عاملاً محورياً لتنمية كافة البلدان الإسلامية.

وعلى الساحة الدولية طاجيكستان تؤيد التسوية العادلة لكافة الصراعات والأزمات التي تجري في بلدان مسلمة بعينها.

وإن جمهورية طاجيكستان خلال سنوات الاستقلال أقامت علاقات متميزة ثنائية ومتعددة الأطراف مع معظم بلدان العالم العربي ولدينا ارتياح من مستواها محتواها.

واليوم يشهد تعاوننا مع الدول العربية نمواً مطرداً حيث يتطور الإطار القانوني للعلاقات الثنائية معها بشكل متواصل.

وهناك حوار سياسي منظم يدور بين بلداننا ويجري تبادل الزيارات الرسمية على مستوى القمة والمستويات الرفيعة بصورة منتظمة.

ومع كل هذا، يجب التنويه إلى أنه في مجالات التجارة والاقتصاد والاستثمار لم يتم بعد تفعيل التعاون بيننا بصورة مناسبة.

واليوم نصيب الدول العربية في الحجم العام للتجارة الخارجية لطاجيكستان يشكل 1.5 % فقط.

وهذا في حين أننا ندعو ونشجع الدول العربية دائماً على الحضور الاقتصادي الأكثر والمشاركة الفاعلة في الاستثمار والاستغلال المشترك لموارد طاجيكستان الطبيعية الضخمة.

ويبدو أن غالبية الدول العربية المتقدمة في مجال التجارة والاستثمارات لها الاهتمام الأكثر بالدول الغربية.

وإلى جانب ذلك فإن بلادنا وبما فيها جمهورية طاجيكستان لديها إمكانات وقدرات هائلة للتعاون في مختلف المجالات مما يمكن استغلاله بالتكاتف مع الدول العربية من منطلق المصالح المتبادلة.

وإنني بصفتي رئيساً لطاجيكستان لطالما أكدت على هذه النقطة خلال لقاءاتي واجتمعاتي مع القيادات والوفود المختلفة للدول العربية سواء على المستوى الثنائي أو في إطار المنظمات الدولية.

ومن المتفق عليه أن أحد العوامل المحورية لتنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية هو توفير البيئة الشفافة والملائمة للاستثمار والأعمال.

وإن طاجيكستان تعمل دائماً على اتخاذ الخطوات الضرورية لإيجاد مثل هذه البيئة.

فانطلاقاً من ذلك فإن معظم قوانين طاجيكستان المعنية بمجالات التجارة والاقتصاد تم تكييفها مع المعايير الدولية، كما أن العمل ما زال جارياً في هذا الاتجاه.

وإن تشريعاتنا القانونية بهدف تحسين البيئة الاستثمارية تتضمن أكثر من 70 نوعاً من الامتيازات للاستثمار و240 نوعاً من التسهيلات في قطاع الضرائب.

كما أن المساواة بين المستثمرين المحليين والأجانب في الحقوق وعدم السماح بتقويض حقوق المستثمرين وعدم تدخل السلطات الحكومية في الأنشطة الاستثمارية والحماية القانونية لمصالح المستثمرين هي من الضمانات التي أقرتها قوانين بلدنا.

وإن دوائرالاستثمار والأعمال في البلدان العربية بإمكانها عبر استغلال الفرص والامتيازات المشار إليها أن تقيم التعاون البناء مع الشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة في طاجيكستان كشريك معتمد للتنمية في مجالات مختلفة.

والموارد والثروات الطبيعية الضخمة والطبيعة الساحرة الخلابة لطاجيكستان يمكنها أن تكون مصدراً للدخل الكبير للمستثمرين العرب.

الأصدقاء الأعزاء،

قبل مدة حرصاً على إيجاد أرضية أكثر ملاءمةً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة في بلادنا قمنا بتبني “الإستراتيجية الوطنية للتنمية لفترة إلى عام 2030م”، التي تتضمن أهدافنا المحورية.

وإن هدف تصنيع البلاد يمثل محور هذه الوثيقة، كما يتم إعطاء الأولوية فيها لإثراء أنشطة القطاعات الواقعية للاقتصاد وتنمية الطاقة البشرية وتنويع القطاعات الانتاجية.

فانطلاقاً من ذلك فإن جذب الاستثمارات المباشرة والتكنولوجيات الحديثة لترشيد استغلال موارد الطاقة المائية الهائلة في طاجيكستان وتحويلها إلى بلد ترانزيتي وتحقيق المستوى الرفيع لرفاهية سكان البلاد وكذلك توسعة نطاق فرص العمل لهم في القطاعات الإنتاجية أمور تدخل ضمن أولوياتنا.

وإن عملية تنفيذ المشاريع البنية التحتية والإنتاجية المهمة الواعدة، بما في ذلك المشاريع ذات الأهمية الإقليمية في مجالات الطاقة المائية وتطوير البنية التحتية والصناعة والتعدين والزراعة وغيرها من القطاعات الاقتصادية الواقعية من شأنها أن تكون قاعدة للتعاون المثمر بيننا.

طاجيكستان تمتلك ثروات هائلة وبكر للطاقة المائية حيث إنها تصنف ضمن ست دول رائدة في العالم من حيث نسبة إنتاج “الطاقة الخضراء” من الموارد المتجددة.

واستغلال هذه الموارد يعتبر واحداً من المصادر الأساسية لبلورة “الاقتصاد الأخضر” الأمر الذي يحقق ترشيد إدارة عناصرها الأخرى من الموارد المائية والبيئة والتنمية المستدامة.

ونحن نعزم على أن نستخدم مواردنا لصالح البلد والمنطقة وإن حكومة طاجيكستان تتخذ خطوات ضرورية دؤوبة في هذا المجال.

قبل فترة قام المنتدى الاقتصادي العالمي بتصنيف القدرة التنافسية لـ137 دولة في العالم بناءً على مؤشرات اقتصادية مختلفة.

وفي هذا التصنيف احتلت جمهورية طاجيكستان المركز الـ70 من حيث تقييم جودة الطرق وتطوير بنيتها التحتية الأمر الذي يعتبر مؤشراً جيداً في منطقتنا.

وإلى يومنا هذا في بلدنا تم تشغيل أكثر من ألفين كيلومتر من طرق السيارات و190 كيلومتراً من سكك الحديد وأكثر من 30 كيلومتراً من الأنفاق للسيارات.

وبجانب ذلك نحن نولي بالغ العناية بإعداد وتنفيذ المشاريع المشتركة ذات الأهمية الإقليمية ونتطلع إلى إنشاء “الموانئ الجافة”.

وإن هدفنا من تنفيذ هذه المشاريع يتمثل في تعزيز القدرات الترانزيتية للمنطقة عن طريق إيجاد ممرات النقل في اتجاه موانئ جنوب وشرق آسيا وبناء المحطات قرب الحدود والمراكز اللوجيستية وفقاً للمعايير الدولية.

وإلى الوقت الراهن قامت المؤسسات المالية للبلدان العربية مثل الصناديق التنموية للسعودية والكويت وأبوظبي وأمثالها بالإسهام في تطوير عدد من المشاريع الحيوية للبنية التحتية في طاجيكستان.

إلا أن هذه النسبة ضئيلة بالمقارنة إلى حجم استثمارات دول أخرى.

إن طاجيكستان لديها فرص كبيرة للاستثمار في مجالات الصناعة والتعدين.

هناك في بلادنا أكثر من 600 منجماً للثروات الطبيعية الفلزية وغير الفلزية تم اكتشافها وتحديدها وتحضيرها للاستخراج.

ولدينا كافة أنواع الأحجار والمعادن الثمينة والمواد الخام والتي يمثل استخراجها ومعالجتها أيضاً ساحة للتعاون الاقتصادي المثمر.

وإن لقطاع الزراعة كواحد من المجالات المهمة الإستراتيجية لاقتصاد طاجيكستان نصيباً كبيراً في إجمالي الناتج المحلي وحفظ الأمن الغذائي للسكان وكذلك في تزويد قطاعات الصناعة بالمواد الخام.

والمناخ الملائم للزراعة في طاجيكستان يتيح الإمكانية ليتم الحصول على محاصيل زراعية نظيفة بيئياً أربع مرات في سنة واحدة.

وبالإضافة في ذلك فإن أهمية طاجيكستان تتجلى في ثروتها الطبيعية الأساسية – وهي المياه النقية، حيث إن بلادنا تحتل أحد مراكز الريادة عالمياً من حيث امتلاك هذه الموارد.

هناك في أراضي طاجيكستان 13 ألف نهر جليدي وحوالي 100 نهر مما يمثل مصدراً لبلورة حوالي 60 في المائة من الموارد المائية في آسيا الوسطى.

وإن هذه الثروات التي لا تقدر بالثمن بإمكانها أن تكفي الحاجة في مياه الشرب ليس في دول منطقتنا فحسب بل يمكن استخدامها لتوفير طلبات الدول المحتاجة الأخرى التي تعاني من النقص في هذه الموارد الطبيعية.

ومع أخذ هذه العوامل بعين الاعتبار يعتبر تنفيذ المشاريع المشتركة في مجال تصنيع المنتجات الزراعية، خاصةً الفواكه والخضروات وألياف القطن وكذلك تصدير مياه الشرب من الأمور المربحة اقتصادياً.

ونحن على استعداد لنقيم التعاون البناء والمثمر في المجالات المشار إليها مع كافة الأطراف الراغبة.

كما إننا نتطلع إلى التعاون الوثيق مع البلدان العربية في قطاع السياحة.

وإن طاجيكستان بفضل مناخها الملائم وطبيعتها الخلابة وجبالها وقممها الشاهقة وعيونها ومياهها العلاجية وآثارها التاريخية والثقافية النادرة تمتلك فرص سياحية كثيرة.

فبناءً على ذلك بلدنا لديه إمكانات كافية لتطوير السياحة البيئية والعلاجية والصحية وتسلق الجبال وكذلك الصيد.

وفي طاجيكستان هنالك عدد من التسهيلات والامتيزات التي تم تخصيصها للنشاط في قطاع السياحة أيضاً.

  ومن ضمن هذه التسهيلات يتم إعفاء توريد الأجهزة والمعدات لتطوير البنية التحيتية السياحية من دفع الرسوم الجمركية والشركات السياحية خلال خمس سنوات من بدء نشاطها من سداد ضريبة القيمة المضافة.

وبالإضافة إلى ذلك قمنا بتفعيل نظام التأشيرات الإلكترونية، كما قمنا بوضع نظام ميسر لمنح تأشيرات الدخول لمواطني أكثر من 80  دولة.

وإن رجال الأعمال والمستثمرين العرب بإمكانهم أن يشاركوا بفاعلية في عملية تطوير البنية التحتية وقطاعاتها الواعدة في إطار برامجنا الحكومية ومن منطلق قاعدة المصالح المتبادلة.

وفي هذا السياق فإن فتح خطوط الطيران المباشرة بين بلداننا ليس من شأنه أن يساعد على تبادل السائحين فحسب بل إنه سيمهد أيضاً الطريق لتنمية العلاقات البشرية والتجارية والثقافية.

الحضور الكرام،

إن القواسم المشتركة التاريخية والدينية لشعوب بلداننا تمثل ركيزة متينة لتعزيز وتوثيق التعاون في مختلف المجالات.

ومن الضروري أن نستغل هذه القواسم المشتركة من أجل تنمية مجتمعاتنا وتوفير السلام والأمن وازدهار بلداننا بشكل مثمر.

وفي صدد انعقاد سلسلة من الاجتماعات والتشاورات والتجمعات واللقاءات نخص بالتأكيد على ضرورة الانتقال إلى الخطوات العملية متطلعين إلى أن هذه العملية ستأتي بنتائج طيبة لجميع الأطراف.

وإن طاجيكستان في سياق تطوير التعاون تشيد بأهمية دور الحوار المنتظم وتبادل الزيارات والتعاون السياسي وتنسيق المواقف مع الدول العربية في المحافل الدولية والإقليمية.

وأنا على ثقة أن لقائنا اليوم سيكون انطلاقة للأفكار والآراء الجديدة وتنفيذ مشاريع جديدة في المسار المستقبلي لتطوير علاقات التعاون بما يعود بالنفع على شعوب بلداننا.

أتمنى لكم جميعاً التوفيق في أعمال منتدى اليوم.

وشكراً.